سورة الإسراء - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} أي نحن أعلم بالحال أو الطريقة التي يستمعون القرآن بها، فالقرآن هو المستمع وهو محذوف و{به} حال وبيان ل {ما} أي يستمعون القرآن هازئين لا جادين والواجب عليهم أن يستمعوه جادين {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} نصب ب {أعلم} أي أعلم وقت استماعهم بما به يستمعون {وَإِذْ هُمْ نجوى} وبما يتناجون به إذ هم ذوو نجوى {إِذْ يَقُولُ الظالمون} بدل من {إذ هم} {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا} سحر فجن {انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال} مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون، {فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} أي فضلوا في جميع ذلك ضلال من يطلب في التيه طريقاً يسلكه فلا يقدر عليه فهو متحير في أمره لا يدري ما يصنع.
{وَقَالُواْ} أي منكرو البعث {أَءذَا كُنَّا عظاما ورفاتا أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} أي مجدداً و{خلقاً} حال أي مخلوقين {قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقًا مّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ} أي السماوات والأرض فإنها تكبر عندكم عن قبول الحياة {فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ} يعيدكم {الذى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} والمعنى أنكم تستبعدون أن يجدد الله خلقكم ويرده إلى حال الحياة بعدما كنتم عظاماً يابسة مع أن العظام بعض أجزاء الحي بل هي عمود خلقه الذي يبنى عليه سائره فليس ببدع أن يردها الله بقدرته إلى الحالة الأولى، ولكن لو كنتم أبعد شيء من الحياة وهو أن تكونوا حجارة أو حديداً لكان قادراً على أن يردكم إلى حال الحياة {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} فسيحركونها نحوك تعجباً واستهزاءً {وَيَقُولُونَ متى هُوَ} أي البعث استبعاداً له ونفياً {قُلْ عسى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} أي هو قريب و{عسى} للوجوب.


{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ} إلى المحاسبة وهو يوم القيامة {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} أي تجيبون حامدين والباء للحال. عن سعيد بن جبير: ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك {وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} أي لبثاً قليلاً أو زماناً قليلاً في الدنيا أو في القبر.
{وَقُل لّعِبَادِى} وقل للمؤمنين {يَقُولُواْ} للمشركين الكلمة {التى هِىَ أَحْسَنُ} وألين ولا يخاشنوهم وهي أن يقولوا يهديكم الله {إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} يلقي بينهم الفساد ويغري بعضهم على بعض ليوقع بينهم المشاقة. والنزغ: إيقاع الشر وإفساد ذات البين. وقرأ طلحة: {ينزغ} بالكسر وهما لغتان {إِنَّ الشيطان كَانَ للإنسان عَدُوّا مُّبِينًا} ظاهر العداوة أو فسر {التي هي أحسن} بقوله: {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ} بالهداية والتوفيق {أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ} بالخذلان أي يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا يقولوا لهم إنكم من أهل النار وإنكم معذبون وما أشبه ذلك مما يغيظهم ويهيجهم على الشر. قوله: {إن الشيطان ينزع بينهم}. اعتراض {وَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} حافظاً لأعمالهم وموكولاً إليك أمرهم وإنما أرسلناك بشيراً ونذيراً فدارهم ومر أصحابك بالمداراة {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى السماوات والأرض} وبأحوالهم وبكل ما يستأهل كل واحد منهم.
{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النبيين على بَعْضٍ} فيه إشارة إلى تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: {وءاتينا داوُود زَبوراً} دلالة على وجه تفضيله وأنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم لأن ذلك مكتوب في زبور داود قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزبور مِن بَعْدِ الذكر أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصالحون} [الأنبياء: 105] وهم محمد وأمته. ولم يعرف الزبور هنا وعرفه في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور} لأنه كالعباس وعباس والفضل وفضل.


{قُلِ ادعوا الذين زَعَمْتُم} إنها آلهتكم {مِن دُونِهِ} من دون الله وهم الملائكة، أو عيسى وعزير، أو نفر من الجن عبدهم ناس من العرب ثم أسلم الجن ولم يشعروا {فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضر عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً} أي ادعوهم فهم لا يستطيعون أن يكشفوا عنكم الضر من مرض أو فقر أو عذاب، ولا أن يحولوه من واحد إلى آخر {أولئك} مبتدأ {الذين يَدْعُونَ} صفة أي يدعونهم آلهة أو يعبدونهم والخبر {يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة} يعني أن آلهتهم أولئك يبتغون الوسيلة وهي القربة إلى الله عز وجل: {أَيُّهُم} بدل من واو يبتغون و(أي) موصولة أي يبتغي من هو {أَقْرَبُ} منهم الوسيلة إلى الله فكيف بغير الأقرب أو ضمن يبتغون الوسيلة معنى يحرصون فكأنه قيل: يحرصون أيهم يكون أقرب إِلى الله وذلك بالطاعة وازدياد الخير {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويخافون عَذَابَهُ} كغيرهم من عباد الله فكيف يزعمون أنهم آلهة {إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا} حقيقاً بأن يحذره كل أحد من ملك مقرب ونبي مرسل فضلاً عن غيرهم {وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القيامة أَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا} قبل الهلاك للصالحة والعذاب للطالحة {كَانَ ذلك فِى الكتاب} في اللوح المحفوظ {مَسْطُورًا} مكتوباً. وعن مقاتل: وجدت في كتب الضحاك في تفسيرها: أما مكة فيخربها الحبشة، وتهلك المدينة بالجوع، والبصرة بالغرق، والكوفة بالترك، والجبال بالصواعق والرواجف. أما خراسان فعذابها ضروب، وأما بلخ فتصيبهم هدَّة فيهلك أهلها، وأما بدخشان فيخربها أقوام، وأما ترمذ فأهلها يموتون بالطاعون، وأما صغانيان إلى ولشجرد فيقتلون بقتل ذريع، وأما سمرقند فيغلب عليها بنو قنطوراء فيقتلون أهلها قتلاً ذريعاً، وكذا فرغانة والشاش واسبيجاب وخوارزم، وأما بخارى فهي أرض الجبابرة فيموتون قحطاً وجوعاً، وأما مرو فيغلب عليها الرمل ويهلك بها العلماء والعباد، وأما هراة فيمطرون بالحيات فتأكلهم أكلاً، وأما نيسابور فيصيب أهلها رعد وبرق وظلمة فيهلك أكثرهم، وأما الري فيغلب عليها الطبرية والديلم فيقتلونهم، وأما أرمينية وأذربيجان فيهلكها سنابك الخيول والجيوش والصواعق والرواجف، وأما همذان فالديلم يدلخها ويخربها، وأما حلوان فتمر بها ريح ساكنة وهم نيام فيصبح أهلها قردة وخنازير ثم يخرج رجل من جهينة فيدخل مصر، فويل لأهلها ولأهل دمشق، وويل لأهل إفريقية وويل لأهل الرملة، ولا يدخل بيت المقدس، وأما سجستان فيصيبهم ريح عاصف أياماً ثم هدة تأتيهم ويموت فيها العلماء وأما كرمان وأصبهان وفارس فيأتيهم عدو وصاحوا صيحة تنخلع القلوب وتموت الأبدان.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8